روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات تربوية واجتماعية | كيف أتعامل مع والدي الذي كان مقصرا في تربيتي؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات تربوية واجتماعية > كيف أتعامل مع والدي الذي كان مقصرا في تربيتي؟


  كيف أتعامل مع والدي الذي كان مقصرا في تربيتي؟
     عدد مرات المشاهدة: 2543        عدد مرات الإرسال: 0

¤ نص الإستشارة:

أنا أصغر إخواني، وقد إنفصل والدي عن والدتي، فذهبت بنا أمي إلى بيت أخوالي.. فكدت أطير من الفرح، فأنا لا أعلم وقتها أنني بذلك فقدت حنان الأب الذي لم أكن أشعر به من قبل، وبمرور الوقت أصبحنا نذهب لأبي الذي يسكن في مدينة أخرى، فلا أذكر أنه قبلني أو قال لي يا ابني، أو ضمني إلى صدره..وقد تزوج أبي بامرأة أخرى فزاد صدوده عنا فيا له من أب!! فأصبحت مهزوز الشخصية، وكثير التردد، لأنني لم أجد الأب الحنون الذي يأخذ بيدي إلى الطريق الصواب.. أكملت الثانوية وسجلت للدراسة الجامعية فطلبت من أبي أن يشتري لي سيارة ولكنه رفض بحجة أنه لا يملك مالاً فيا له من أب!! فتركت الجامعة وأنا الآن موظف وإشتريت سيارة، وأكملت دراستي بعد الوظيفة.. فهل يُقبل دعاء أبي إذا دعا علينا؟ أرشدوني.

* الــــــرد:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فإن أمر التربية أمر عظيم ومن حق الولد على والده أن يحسن تربيته ويقوم على رعايته ولا يكل شأن تربيته إلى الآخرين فإن قرب الأب من أبنائه يمنحهم الثقة والطمأنينة والشعور بالسعادة والقدرة على الإنجاز ومواجهة متطلبات الحياة، ولا يكون ذلك إلا بوجود من تمكن الشكوى إليه دون شعور بالحرج أو الخوف.

ولا بد من شكوى لذي مروءة *** يواسيك أو يسليك أو يتوجع

إن الكتَّاب والدعاة تحدثوا جميعا عن حق الأبناء على الآباء، لكنهم تحدثوا أكثر عن حق الآباء على الأبناء، نظرا لأن الفطرة البشرية تقرر أن حب الآباء لأبنائهم فطرة فيعطون الأبناء الحقوق وربما أكثر من الحقوق، وحين يقصر الأب في ذلك فإنه يخالف بذلك الفطرة التي فطر الله الناس عليها وربما تكون الرحمة قد نزعت من قلبه، ولذا: فنحن نخاطب هنا الآباء والأمهات أن إنتبهوا، أعطوا أبناءكم حقوقهم من الحب والعطف والحنان والوقت والجهد، فهم ثمار قلوبكم وعماد طهوركم، وهم من ستبقى دعوتهم لكم -إذا كانوا صالحين- ذخرا لكم أمام الله يوم القيامة، وبعد الموت فلا تهملوهم لأن إهمالكم لهم يعد عقوقا لهم وهو في الحقيقة إهمال لأنفسكم، وذنب كبير ستسألون عنه بين يدي الله تعالى حين يسأل كل راع عما إسترعاه الله من رعية، فأعدوا للسؤال جوابا.

كم أتمنى أن تحرص على تربية أبنائك بالصورة التي نحكي لك عنها حين يمن الله عليك بذرية، وأن تكون خير أب لأبنائه في الإعانة لهم على البر والود ورحم الله رجلا أعان ولده على بره، كما أتمنى من كل ابن يقرأ هذه الرسالة ولا يعاني مما يعاني صاحبها أن يحمد الله على ما منَّ به عليه، وأن يزيد من بره لأبيه.

أريد أن نكون جميعا أمام صدمات الحياة حديدا لا زجاجا، إذ إن الحديد تقويه الطرقات والصدمات، أما الزجاج فمع أول صدمة ينكسر وتهشمه الطرقات، فهيا معا نسلك خطوات عملية للدفع والقوة، وأسأل الله تبارك وتعالى أن تلتزم بها قدر إستطاعتك، وأعدك بإذن الله بحياة جديدة رائعة وقوية تحياها إذا ما فعلت ذلك.

1= كيف تصبح مهزوز الشخصية مترددا وأنت من نجح في دراسته رغم المصاعب وإستطاع شراء سيارة من كده وعرقه، لا يا أخي أنت تستحق أن تثق في ذاتك وقدراتك وأن تفخر بما فعلت لا أن تهتز وتتردد، فإرفع رأسك وأيقظ عزمك وقدر ذاتك، وقاوم سلبياتك وابدأ من جديد حياتك.

2= لا تجعل مشكلات تربيتك في الماضي تضيع وقتا من مستقبلك الزاهر الحالي والقادم، والمستقبل يفتح ذراعيه فلا تنشغل بالتوافه المعطلة، وإنشغل بالطموحات المحركة والطاقات الباذلة، وإعلم أن هناك كثيرين عانوا من مشاكل في تربيتهم أكبر بكثير مما عانيت منه، ورغم ذلك لم يسمحوا لأخطاء الماضي في التربية أن تؤثر كبير أثر في حياتهم فحققوا نجاحات كبيرة والعالم كله يتحدث عنها ويتمتع بها حتى اليوم، ولست أقل منهم في شيء.

3= إعتبر ما حدث معك إبتلاء للتمحيص والتطهير والتكفير، وتنال به الأجر على الصبر عليه والرضا بما حدث معك.

4= إذا كانت هناك أشياء تفعلها وتجعل أباك يدعو عليك فتوقف عنها مباشرة، لأن عدم إحسانه إليك لا يبرر عدم إحسانك إليه.

5= تسامح واعف {فمن عفا وأصلح فـأجره على الله}!! وتسامح مع ماضي حياتك، واعف عن أخطاء والدك في حقك، سامحه لأنه والدك، سامح لتريح وتستريح، سامح لتريح تفكيرك في كيفية الإنتقام والتشفي، اعف لتنال أجر العافين عن الناس وهم والله أكرم الناس، تسامح واعف لتنال العفو من رب الناس.

6= ذكرنا في البداية أن الشكوى تريح لكن إدمانها يقتل.. أتتخيل ذلك؟!!.. فإذا كنت تشكو اليوم لتسترح إذاً ولتبحث عن حل واشرع في عمله، واحذر أن تصبح شكواك عادة تسير عليها وتدندن بها بين الحين والآخر، لأنك إن فعلت ذلك فإنك تقتل نفسك بنفسك، لذلك أوصيك بما أوصى به التنمويون والتربويون بأن تتوقف عما يسمى بـ: قصة المأساة، وهي أن تنسج من مأساتك قصة تجعلها محور أحاديثك، توقف عن حكايتها والتلذذ بتعذيب نفسك بها، والبحث عن الشفقة في عيون الناس وأنت تحكيها فإننا نرجو أن تكون أنت يوما ممن يحلون مشاكل الناس، بإذن الله.

7= إستخلص من هذه التجربة دروسها وعبرها، ثم دعها وإنطلق في حياتك القادمة بعزم وفتوة وروح أقوى متفائلة أكثر.

وأعود فأختم حديثي بأن: أذكرك بأهم ما فيه وهو أن تتسامح مع ماضيك وأبيك، وأن تعلنها بصدق وعزم: لقد سامحت الماضي، وسوف أستمتع بحاضري الحالي، وسوف أنطلق لمستقبلي أستقبله دون أن أسمح لقيود الماضي أن تعرقل حركاتي، سأكسر هذه القيود، وسأحرر قلبي من أسر الماضي البغيض، وسأنطلق.. نعم: سأنطلق... بإذن الله سأنطلق..

مع تمنياتنا لك بالتوفيق ودوام العافية...والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل...

المصدر: موقع رسالة الإسلام.